top of page
Writer's pictureAlnahal Aljwal

أفلا يبصرون

Updated: Feb 14, 2022





*أودع الله سبحانه وتعالى في هذا الكون الأسرار العظيمة، ومظاهراً جلية من قدرته جلّ وعلا التي تدل على بديع صنعه وإتقانه وتدبيره، وعالم النحل وحياتها أحد عجائب آياته التي دعا سبحانه وتعالى إلى التفكير فيها، قال تعالى: "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون" ( سورة النحل : آية 68 - 69 ).


*وقد اكتشف الإنسان في العصر الحديث بعضا منها، ومازال هناك الكثير من تلك الأسرار التي أودعها الله في هذا الكائن الحي الذي أوحى إليه، وجعله عالماً آخراً ينضبط بقوانين وَحْيِهِ ويعج بالحياة بلا ملل ولا كسل، عالم فيه ملكة ولها عاملات، وبنظام وانضباط، وتناغم واتساق، كل نحلة تعمل حسب سنها وخبرتها، وتأخذ الأدوار حسب إمكانياتها وطاقتها، فالمهندسات والبناءات يشيدن أقراص الشمع، والعاملات يقمن برحلات للكشف عن أماكن الرحيق، والكيميائيات يتأكدن من نضوج العسل وحفظه، والخادمات يحافظن على نظافة الخلية، والحارسات تراقبن وتطردن الدخلاء، في نظام متقن مبدع.


*يبدأ هذا النظام بالملكة التي تحكم خلية النحل، وتنتج البويضات، فهي الأنثى الوحيدة المكتملة جنسيا، أما العاملات فلم تكتمل الأعضاء الجنسية لديهن، فتبدأ شغالات النحل ببناء عدد من الخلايا الملكية، ثم تقوم هذه الشغالات بتربية عدة يرقات ملكية في آن واحد بتلقيمها الغذاء الملكي، وما أن يتم تفقيس أول بيضة عن ملكة حتى تبدأ حملة قتل جماعية تستهدف جميع اليرقات الأخرى التي لم تنتهي من تطورها بعد، فالنظام في مملكة النحل يقضي بأن لا يبقي في المملكة الواحدة سوى ملكة واحدة فقط.وفي الوقت االحالي يقوم النحال وخبير النحل بالحفاظ على باقي اليرقات عبر حجزهن بطرق معينة حتى يحافظ على حياتهن ويستخدمهن كملكات لخلايا نحل اخرى تحتاج الى وجود ملكة, أما ذكور النحل فقد أناط الله تعالى به عملا متى أداه ، ألا وهو تلقيح الملكة، ولا يستطيع سوى عدد قليل من مئات الذكور إنجاز مهمتهم في الحياة، ويكون زواج الملكة في قانون مهيب وطقوس خاصة. فعندما تبدأ الملكة الطيران تلحق بها الذكور بعزيمة ونشاط وكلما أوشك أحدهم على اللحاق بها زادت من سرعتها وارتفعت في الفضاء، وتتساقط الذكور الضعيفة، واحدا تلو الآخر، حيث يعجزون عن اللحاق بالملكة، ولا يتبقي إلا قلة من الذكور، وهنا تنطلق بأقصي سرعة يمكنها بلوغها ويظفر بها أقواهم بنية وأجلدهم على التحمل المشاق وترتفع لأعلي مسافة، يتم تلقيحها وتنتهي مراسم الزفاف، وتتسبب عملية التزاوج هذه في موت الذكر.


*ويقدر العلماء أن الملكة تضع حوالي 200 - 250 ألف بويضة في الموسم الواحد، وتترك وراءها قرابة مليون بويضة قبل أن تخطفها يد المنون .ثم تسدي الملكة مهمة رعاية أبنائها إلى العاملات اللاتي يحضن صغار النحل ويطعمهن الطعام.


*أما وظائف الشغالات فتتباين المهام التي تنجزها النحلة الشغالة منذ ولادتها وحتى موتها، فكلما زاد عمرها وشاخت حدث فيها تحولات فيسلوجية دقيقة تتوافق مع العمل الذي يتوجب عليها أداؤه، حيث تعمل الشغالة في الأسابيع الثلاثة الأولى من حياتها ضمن الخلية، فتبدأ في أيامها الأولى من حياتها بأعمال التنظيف في خلايا الحضنة بدقة متناهية، ثم تنتقل إلى مهمة جديدة هي تغذية الحضنة، فعندها يحدث تطور ملحوظ في الغدد المغذية التي تفرز الغذاء الملكي الذي يستعمل في تغذية جميع اليرقات الفتية واليرقات الملكية، وعندما تتدهور غددها المغذية وتضمر تصبح فيها الغدد الشمعية على أتم الاستعداد لأداء وظيفتها فتتجه نحو مهنة جديدة، هي مهنة البناء، فتصنع الشمع وتبني الإطارات وتسد النخاريب التي تخزن العسل.


*وهناك وظائف أخرى للشغالات، فمنها مختصة بالحراسة تراقب فتحة الخلية وتمنع كل دخيل، ومنها من تقوم بتوفير التهوية وتحافظ على درجة حرارة قريبة من 35ْ م خلال الصيف.

*وعندما يحل اليوم الحادي والعشرون تكون النحلة الشغالة قد أنجزت جميع المهمات التي أوكلت إليها في الخلية، وتصبح على استعداد لإنجاز أعمال أخرى خارج الخلية فتكرس النصف الثاني من حياتها لجمع الرحيق وغبار الطلع، ويطير النحل فى دائرة مركزها الخلية ولمسافة 3 كيلوا متر ( نصف قطر الدائرة ) فى حالة وفرة الغذاء وتصل المسافة إلى 5 كيلوا متر في حالة ندرة الغذاء، ويوجد فريق من النحل يطلق علية الكشافة ينطلق فى الصباح الباكر لتحديد موقع الرحيق وحبوب اللقاح ويعود للخلية لابلاغ جامعي الرحيق عن الموقع من خلال اداء رقصة تحدد ليس فقط الاتجاه والمسافة التي يبعدها مصدر الغذاء عن الخلية بل يحدد أيضاً مدى خصوبة وغزارة مصدر الرحيق وأيضاً يحدد المجهود المبذول والوقت اللازم للوصول إلى مكان الغذاء حيث إن اتجاه الرياح له تأثير قوي على هذا المجهود.


* ثم تجمع عسلها من رحيق أزهار الأشجار العاسلة والأعشاب، وتحمل الرحيق في كيس تسمى بمعدة العسل وتقوم عليه بعمليات معقدة تحوله إلى عسل، ثم يقوم بتخزينه في عيون الشمع السداسية بالخلايا ويختم عليه بأغطية شمعية. ويتنوع العسل حسب تنوع مصدر الرحيق فلكل نوع من الأزهار صفات وخصائص صحية متعددة تختص بها، وبالتالي فإن هذه الخصائص تنتقل إلى رحيق النبتة، والتي تحوله النحلة إلى العسل، فسبحان من أبدع هذا الخلق في نظام دقيق وعجيب، وصدق قول الحق تعالى: "إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون"

170 views0 comments

Comments


bottom of page